تُعد الكلى من أهم أعضاء الجسم، حيث تقوم بتصفية الدم من الفضلات وتنظيم توازن السوائل والأملاح. وعندما يُشتبه في وجود مشكلة في الكلى، يلجأ الأطباء إلى مجموعة من التحاليل المخبرية المعروفة بـتحليل وظائف الكلى. هذه التحاليل تساعد في تقييم صحة الكليتين وكشف أي خلل في عملهما. في هذا المقال، نشرح أبرز تحاليل وظائف الكلى، ومعاني نتائجها، ومتى تستدعي القلق.
ما هو تحليل وظائف الكلى؟
تحليل وظائف الكلى هو مجموعة من الفحوصات الدموية والبولية التي تُستخدم لتقييم كفاءة الكلى في أداء وظيفتها الأساسية، وهيتنقية الدم من الفضلات وتنظيم توازن الماء والمعادن. من خلال هذه التحاليل، يمكن الكشف المبكر عن أمراض الكلى المزمنة، أو القصور الكلوي الحاد، أو حتى مراقبة تأثير بعض الأدوية على الكلى.

أهم تحاليل وظائف الكلى
1. تحليل الكرياتينين في الدم (Serum Creatinine)
الكرياتينين هو ناتج ثانوي طبيعي للعضلات يُطرح عن طريق الكلى. ارتفاع نسبته في الدم يدل على ضعف قدرة الكلى على التخلص منه.
- القيم الطبيعية:
- للرجال: 0.7 – 1.3 ملغ/ديسيلتر
- للنساء: 0.6 – 1.1 ملغ/ديسيلتر
- عند الارتفاع: قد يدل على تراجع في وظائف الكلى أو وجود انسداد في المجاري البولية أو جفاف شديد.
2. تحليل نيتروجين اليوريا في الدم (BUN)
الـ BUN هو ناتج عن تكسير البروتين في الكبد، ويُطرح عن طريق الكلى. ارتفاعه قد يشير إلى مشاكل في الكلى، لكنه يتأثر أيضًا بعوامل أخرى مثل التغذية والجفاف.
- القيم الطبيعية: 7 – 20 ملغ/ديسيلتر
- عند الارتفاع: قد يكون ناتجًا عن ضعف في وظائف الكلى، أو جفاف، أو تناول كميات كبيرة من البروتين.
3. معدل الترشيح الكبيبي التقديري (eGFR)
هو الفحص الأهم لتقييم مدى كفاءة الكلى. يعتمد على مستوى الكرياتينين، والعمر، والجنس، وأحيانًا العِرق.
- النتائج الطبيعية: أكثر من 90 مل/دقيقة/1.73 م²
- المعاني:
- 60–89: انخفاض بسيط في الوظيفة
- 30–59: قصور كلوي متوسط
- 15–29: قصور شديد
- أقل من 15: فشل كلوي (غالبًا يستدعي غسيل كلى)
4. تحليل البروتين في البول (Proteinuria)
وجود البروتين في البول قد يكون أول مؤشر على وجود تلف في الكلى. الكلى السليمة لا تسمح بمرور البروتينات الكبيرة إلى البول.
- النتائج:
- وجود بروتين بسيط قد يكون عابرًا (مثلاً بعد مجهود بدني)
- وجود بروتين بشكل مستمر قد يدل على مرض كلوي مزمن أو سكري كُلوي
5. تحليل البول الكامل (Urinalysis)
تحليل عام يُستخدم لاكتشاف وجود دم، صديد، بروتين أو مواد غير طبيعية في البول. قد يساعد في تشخيص التهابات المسالك البولية، حصوات الكلى، أو أمراض الكلى المزمنة.
ماذا تعني النتائج غير الطبيعية؟
- ارتفاع الكرياتينين أو BUN مع انخفاض eGFR: علامة على تدهور في وظائف الكلى، وقد تكون بسبب مرض مزمن أو انسداد أو تناول أدوية ضارة بالكلى.
- وجود بروتين أو دم في البول: قد يشير إلى التهابات أو تلف في الفلاتر الكلوية.
- نتائج غير طبيعية مع أعراض مثل تورم، إرهاق، أو تغير في كمية البول: تستدعي تدخلًا طبيًا عاجلًا.

متى يجب إجراء تحليل وظائف الكلى؟
إجراء تحليل وظائف الكلى لا يُقتصر فقط على الأشخاص المصابين بأمراض معينة، بل يُعد ضروريًا أيضًا للفئات التي قد تكون عرضة لأي خلل كلوي حتى وإن لم تظهر عليها أعراض واضحة. فيما يلي أبرز الحالات التي تستدعي القيام بهذا التحليل:
1. عند ظهور أعراض قد تدل على ضعف الكلى
إذا شعرت بأحد الأعراض التالية، فمن المهم استشارة الطبيب لإجراء تحليل وظائف الكلى:
- تورم في القدمين أو الوجه نتيجة احتباس السوائل
- قلة كمية البول أو تغير لونه (غامق أو دموي)
- إرهاق مستمر وضعف عام بدون سبب واضح
- ضيق في التنفس أو ارتفاع ضغط الدم المفاجئ
- غثيان أو فقدان الشهية قد يكون ناتجًا عن تراكم السموم في الدم
هذه الأعراض قد تكون مؤشراً على تراجع قدرة الكلى على التخلص من الفضلات والسوائل الزائدة، وتستدعي فحصًا فوريًا.
2. مرضى الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم
يُنصح بإجراء تحليل وظائف الكلى بشكل دوري لجميع المصابين بـ:
- السكري (سواء من النوع الأول أو الثاني): لأن ارتفاع السكر في الدم يؤثر مباشرة على الأوعية الدقيقة في الكلى، وقد يؤدي إلى ما يُعرف بـ”السكري الكلوي”.
- ارتفاع ضغط الدم: يُعتبر من الأسباب الرئيسية لأمراض الكلى المزمنة، إذ يؤدي الضغط المرتفع إلى تلف الأوعية الدموية داخل الكلى مع الوقت.
في هذه الحالات، يوصي الأطباء بمتابعة وظائف الكلى مرة أو مرتين سنويًا على الأقل.
3. قبل أي عملية جراحية أو استخدام أدوية تؤثر على الكلى
تحليل وظائف الكلى يُجرى بشكل روتيني قبل بعض الإجراءات الطبية مثل:
- العمليات الجراحية الكبرى، للتأكد من قدرة الكلى على التعامل مع التخدير والأدوية
- العلاج بالأدوية التي قد تؤثر على الكلى، مثل:
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)
- بعض المضادات الحيوية
- أدوية العلاج الكيميائي
- مدرات البول أو مثبطات المناعة
الفحص يُساعد الأطباء في تعديل الجرعة أو اختيار بدائل دوائية أقل ضررًا.
4. وجود تاريخ عائلي لأمراض الكلى
إذا كان أحد أفراد العائلة (خصوصًا من الدرجة الأولى) مصابًا بأمراض كلوية مزمنة أو فشل كلوي، فهذا يُعتبر عامل خطر. في هذه الحالة، يُنصح بإجراء تحليل وظائف الكلى كإجراء وقائي لمراقبة أي تغيرات مبكرة.
5. كجزء من الفحوصات الدورية
حتى في غياب أعراض أو أمراض مزمنة، يُفضل إجراء فحص وظائف الكلى ضمن الفحوصات السنوية، خصوصًا بعد سن الأربعين، أو في حال وجود عوامل خطر مثل:
- السمنة المفرطة
- التدخين المزمن
- تناول المسكنات بانتظام
- اتباع نظام غذائي غني بالبروتينات أو الأملاح
نصائح للحفاظ على وظائف الكلى
العناية بصحة الكلى لا تتطلب إجراءات معقدة، بل تعتمد على مجموعة من العادات اليومية التي تُسهم في الوقاية من الأمراض الكلوية المزمنة. إليك أهم النصائح المدعومة علميًا للحفاظ على صحة الكلى لأطول فترة ممكنة:
شرب كمية كافية من الماء يوميًا
شرب الماء بشكل منتظم يُساعد الكلى على أداء وظيفتها في تنقية الدم من الفضلات والسموم. الترطيب الجيد يمنع تكون الحصوات البولية ويُسهل طرح المواد الضارة خارج الجسم.
- الكمية الموصى بها تختلف حسب العمر والمجهود والحالة الصحية، لكن في المتوسط يُنصح بشرب حوالي2 إلى 2.5 لتر يوميًا.
- يجب زيادة شرب الماء في الطقس الحار، أو عند ممارسة الرياضة، أو عند الإصابة بعدوى في المسالك البولية.
ملحوظة: الأشخاص المصابون بأمراض كلوية متقدمة أو فشل كلوي يجب أن يتبعوا تعليمات الطبيب بدقة بشأن كمية السوائل.
تجنب الاستخدام العشوائي للمسكنات
المسكنات، خاصة من فئةمضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين والنابروكسين، قد تُسبب تراجعًا تدريجيًا في وظائف الكلى عند استخدامها بانتظام أو دون إشراف طبي.
- يُفضل استخدامالباراسيتامول كخيار أول للألم الخفيف إلى المتوسط، لأنه أقل تأثيرًا على الكلى.
- يجب تجنب الجمع بين أكثر من نوع من المسكنات في نفس الوقت، وتفادي استخدامها لأكثر من3 إلى 5 أيام متواصلة دون استشارة طبية.
لمعرفة المزيد عنتأثير المسكنات على الكلى إضغط هنا
التحكم في مستوى السكر والضغط
السكري وارتفاع ضغط الدم هما السبب الأول والثاني لأمراض الكلى المزمنة في العالم، وفقًا لمؤسسة الكلى الوطنية (National Kidney Foundation).
- حافظ على مستوى سكر الدم في المعدل الطبيعي (عادة أقل من 126 ملغ/ديسيلتر صائمًا)
- راقب ضغط الدم بانتظام، وابقِه أقل من 130/80 ملم زئبقي إذا كنت من الفئات المعرضة للخطر
- التزم بالعلاج الموصوف، وراجع طبيبك لتعديل الأدوية عند الحاجة
ممارسة الرياضة بانتظام
التمارين البدنية لا تفيد القلب والعضلات فقط، بل تحسن أيضًا تدفق الدم إلى الكلى وتُساعد في الوقاية من الأمراض المزمنة التي تؤثر عليها.
- يُوصى بممارسة نشاط بدني معتدل (مثل المشي السريع أو ركوب الدراجة) لمدة30 دقيقة يوميًا، 5 أيام في الأسبوع
- التمارين المنتظمة تُسهم في ضبط الوزن، خفض الضغط، وتحسين حساسية الأنسولين
الامتناع عن التدخين
التدخين يُسرّع من تلف الأوعية الدموية الدقيقة داخل الكلى، ويزيد خطر الإصابة بتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم، كما يُقلل فعالية أدوية ضغط الدم.
- يقلل الامتناع عن التدخين من احتمالية الإصابة بالفشل الكلوي بنسبة كبيرة
- يساعد أيضًا في تحسين نتائج زراعة الكلى لدى المرضى المحتاجين لها
مراجعة الطبيب بانتظام إذا كنت من الفئات المعرضة للخطر
الفئات المعرضة لخطر الإصابة بأمراض الكلى تشمل:
- مرضى السكري
- مرضى ارتفاع ضغط الدم
- الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي لأمراض الكلى
- من يستخدمون أدوية مزمنة أو مسكنات بكثرة
- من لديهم سمنة مفرطة أو يعانون من أمراض القلب
ينبغي عليهم إجراء فحوصات دورية لوظائف الكلى (مثل الكرياتينين، eGFR، البروتين في البول) كل6 إلى 12 شهرًا على الأقل، حتى وإن لم تكن هناك أعراض ظاهرة.
المصادر
- National Kidney Foundation: www.kidney.org
- Mayo Clinic: www.mayoclinic.org
- WebMD: www.webmd.com
